كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: {ليُضلَّ} بنصب الياء.
وقرأ الباقون: بالضم.
فمن قرأ بالنصب فمعناه: ليضل بذلك عن سبيل الله.
يعني: بترك دين الإسلام.
ومن قرأ بالضم يعني: بصرف الناس عن دين الإسلام، ويصرف نفسه أيضًا.
وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص: {وَيَتَّخذَهَا} بنصب الذال.
وقرأ الباقون: بالضم.
فمن نصبها ردّها على قوله: {ليُضلَّ} يعني: لكي يضل ولكي {أُنْذرُوا هُزُوًا} ومن قرأ: بالضم ردّها على قوله: {وَمنَ الناس مَن يَشْتَرى لَهْوَ الحديث} {وَيَتَّخذَهَا} وقال: {أُوْلَئكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهينٌ} يهانون به.
قوله عز وجل: {وَإذَا تتلى عَلَيْه ءاياتنا} يعني: إذا قرىء عليه القرآن {ولى مُسْتَكْبرًا} يعني: أعرض مستكبرًا عن الإيمان والقرآن {كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا} يعني: كأن لم يسمع ما في القرآن من الدلائل والعجائب {كَأَنَّ في أُذُنَيْه وَقْرًا} أي: ثقلًا فلا يسمع القرآن يعني: يتصامم {فَبَشّرْهُ بعَذَابٍ أَليمٍ} فلما ذكر عقوبة الكافر ذكر على أثر ذلك ثواب المؤمنين فقال: {إنَّ الذين ءامَنُوا وَعَملُوا الصالحات لَهُمْ جنات النعيم} في الآخرة {خالدين} يعني: دائمين {فيهَا وَعْدَ الله حَقًّا} أوجبه الله عز وجل لأهل هذه الصفة {وَهُوَ العزيز الحكيم} حكم بالعذاب للكافرين، والنعيم للمؤمنين.
ثم بيّن علامة وحدانيته فقال: {خُلقَ السموات بغَيْر عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} أي: خلقها بغير عمد ترونها بأعينكم.
ويقال: معناه {بغَيْر عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} أنتم يعني: لها عمد ولكن لا ترونها.
والعمد جماعة العماد.
ثم قال: {وألقى في الأرض رَوَاسىَ} يعني: الجبال الثوابت {أَن تَميدَ بكُمْ} يعني: لكيلا تزول بكم الأرض.
ثم قال: {وَبَثَّ فيهَا} يعني: وخلق فيها في الأرض.
ويقال: وبسط فيها {من كُلّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا منَ السماء مَاء فَأَنْبَتْنَا فيهَا من كُلّ زَوْجٍ كَريمٍ} وقد ذكرناه.
ثم قال: {هذا خَلْقُ الله} يقول: هذا الذي خلقت أنا {فَأَرُونى مَاذَا خَلَقَ الذين من دُونه} يعني: الذين تدعونه إلها من دونه يعني: الأصنام.
ويقال: هذا خلق الله.
يعني: مخلوق الله.
ويقال: هذا صنع الله.
ثم قال: {بَل الظالمون في ضلال مُّبينٍ} أي: الكافرون في خطأ بيّن، لا يعتبرون ولا يتفكرون فيما خلق الله عز وجل فيعبدونه ويقال في ضلال مبين يعني: في خسران بيّن.
{وَلَقَدْ ءاتَيْنَا لُقْمَانَ الحكمة} وقال مجاهد: يعني: أعطينا لقمان العقل والفقه والإصابة في غير نبوة.
ويقال أيضًا: الحكمة والعقل والإصابة في القول.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما زَهدَ عَبْدٌ في الدُّنْيَا إلاَّ أَثْبَتَ الله تَعَالَى الحكْمَةَ في قَلْبه، وَأَنْطَقَ بهَا لسَانَهُ، وَبَصَّرَهُ عُيُوبَ الدُّنْيَا وَعُيُوبَ نَفْسه وَإذَا رَأيْتُمْ أَخَاكُمْ قَدْ زَهدَ في الدُّنْيَا فَاقْتَربُوا إلَيْه فَاسْتَمعُوا منْهُ، فإنه يُلَقَّى الحكْمَةَ».
وقال السدي: {وَلَقَدْ ءاتَيْنَا لُقْمَانَ الحكمة} يعني: النبوة.
وعن عكرمة قال: كان لقمان نبيًا.
وعن وهب بن منبه قال: كان لقمان رجلًا حكيمًا، ولم يكن نبيًا.
وروي عن ابن عباس قال: كان لقمان عبدًا حبشيًا.
ويقال: إن أول ما ظهرت حكمته أن مولاه قال له يومًا: اذبح لنا هذه الشاة فذبحها.
ثم قال: أخرج أطيب مضغتين فيها فأخرج اللسان والقلب.
ثم مكث ما شاء الله.
ثم قال له: اذبح لنا هذه الشاة فذبحها.
فقال: أخرج لنا أخبث مضغتين فيها فأخرج اللسان والقلب.
فسأله عن ذلك فقال لقمان: إنه ليس شيء أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا.
وذكر عن وهب بن منبه أن لقمان خُيّرَ بين النبوة والحكمة، فاختار الحكمة.
قال: فبينما كان يعظ الناس يومًا وهم مجتمعون عليه، إذ مرّ به عظيم من عظماء بني إسرائيل.
فقال: ما هذه الجماعة؟ فقيل له: جماعة اجتمعت على لقمان الحكيم.
فأقبل إليه.
فقال له: ألست عبد بني فلان؟ فقال: نعم.
فقال: فما الذي بلغ بك ما أرى؟ فقال: صدق الحديث، وأداء الأمانة، وتركي ما لا يعنيني.
فانصرف عنه متعجبًا وتركه.
ثم قال تعالى: {أَن اشكر للَّه} يعني: حكمًا من أحكام الله {أَن اشكر للَّه} ويقال: معناه {وَلَقَدْ ءاتَيْنَا لُقْمَانَ الحكمة} وقلنا له: اشكر لله بما أعطاك من الحكمة {وَمَن يَشْكُرْ فَإنَّمَا يَشْكُرُ لنَفْسه} يعني: ثواب الشكر لنفسه {وَمَن كَفَرَ} أي: جحد فلا يوحّد ربه {فَإنَّ الله غَنىٌّ} عن خلقه وعن شكرهم {حَميدٌ} في فعاله {وَإذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنه} قال مقاتل: كان اسم ابنه أنعم {وَهُوَ يَعظُهُ} ويقال: معناه قال لابنه واعظًا {يَعظُهُ يا بنى لاَ تُشْركْ بالله إنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظيمٌ} يعني: ذنب عظيم لا يغفر أبدًا، وكان ابنه وامرأته كافرين، فما زال بهما حتى أسلما.
وقال مقاتل: زعموا أنه كان ابن خالة أيوب.
وذكر القاسم بن عباد بإسناده عن عبد الله بن دينار: أن لقمان قدم من سفر، فلقيه غلامه، قال: ما فعل أبي؟ قال: مات.
فقال: ملكت أمري.
قال: وما فعلت أمي؟ قال: قد ماتت.
قال: ذهب همي.
قال: فما فعلت أختي؟ قال: ماتت فقال: سترت عورتي.
قال: فما فعلت امرأتي؟ قال: قد ماتت.
فقال: جدد فراشي.
قال: فما فعل أخي؟ قال: مات.
قال: انقطع ظهري.
وفي رواية أُخرى قال: ما فعل أخي؟ قال: مات.
فقال: انكسر جناحي.
ثم قال: فما فعل ابني؟ قال: مات.
فقال: انصدع قلبي.
وقال وهب بن منبه كان لقمان عبدًا حبشيًا لرجل من بني إسرائيل في زمن داود عليه السلام، فاشتراه، فأعتقه وكان حبشيًا أسود، غليظ الشفتين والمنخرين، غليظ العضدين والساقين، وكان رجلًا صالحًا أبيض القلب، وليس يصطفي الله عز وجل عباده على الحسن والجمال، وإنما يصطفيهم على ما يعلم من غائب أمرهم.
قرأ عامر في رواية حفص وابن كثير في إحدى الروايتين: {أَوْ بَنى} بالنصب.
وقرأ الباقون: بالكسر وقد ذكرناه.
ثم قال عز وجل: {وَوَصَّيْنَا الإنسان} فكأنه يقول: آمركم بما أمر به لقمان لابنه بأن لا تشركوا بالله شيئًا، وآمركم بأن تحسنوا إلى الوالدين فذلك قوله عز وجل: {وَوَصَّيْنَا الإنسان} يعني: أمرناه بالإحسان {بوالديه}.
ثم ذكر حق الأم وما لقيت من أمر الولد من الشدة فقال: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا على وَهْنٍ} يعني: ضعفًا على ضعف، لأن الحمل في الابتداء أيسر عليها.
فكلما ازداد الحمل يزيدها ضعفًا على ضعف {وَفصَالُهُ في عَامَيْن} يعني: فطامه بعد سنتين من وقت الولادة {أَن اشكر لى ولوالديك} يعني: وصّيناه وأمرناه بأن اشكر لي بما هديتك للإسلام، واشكر لوالديك بما فعله إليك {إلَىَّ المصير} فأجازيك بعملك.
ثم قال عز وجل: {وَإن جاهداك} يعني: وإن قاتلاك.
يعني: أن حرمة الوالدين وإن كانت عظيمة، فلا يجوز للولد أن يطيعهما في المعصية.
فقال: {وَإن جاهداك} يعني: وإن قاتلاك.
ويقال: وإن أراداك {على أَن تُشْركَ بى مَا لَيْسَ لَكَ به علْمٌ} يعني: ما ليس لك به حجة بأن معي شريكًا {فَلاَ تُطعْهُمَا} في الشرك {وصاحبهما في الدنيا مَعْرُوفًا} يعني: عاشرهما في الدنيا معروفًا بالإحسان، وإنما سمي الإحسان معروفًا لأنه يعرفه كل واحد.
قال وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «حُسْنَ المُصَاحَبَة أنْ يُطْعمَهُمَا إذا جَاعَا، وَأَنْ يَكْسُوَهُمَا إذا عَريَا».
ثم قال: {واتبع سَبيلَ مَنْ أَنَابَ إلَىَّ} يعني: اتبع دين من أقبل إلي بالطاعة.
ثم استأنف فقال: {ثُمَّ إلَيَّ مَرْجعُكُمْ} في الآخرة.
وقال بعضهم: إنما أتمّ الكلام عند قوله: {واتبع سَبيلَ مَنْ أَنَابَ إلَىَّ} يعني: دين من أقبل على الطاعة.
ثم استأنف الكلام فقال: {ثُمَّ إلَيَّ مَرْجعُكُمْ} تكرارًا على وجه التأكيد {فَأُنَبئُكُم بمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} يعني: فأجازيكم بها.
ثم رجع إلى حديث لقمان فقال: {وَمَا يُشْعرُكُمْ أَنَّهَا} يعني: الخطيئة {إن تَكُ} قال مقاتل: وذلك أن ابن لقمان قال لأبيه: يا أبتاه إن عملت بالخطيئة حيث لا يراني أحد، فكيف يعلمها الله سبحانه وتعالى.
فرد عليه لقمان وقال: {تَعْمَلُونَ يا بنى إنَّهَا إن تَكُ} يعني: الخطيئة {إن تَكُ} {مثْقَالَ حَبَّةٍ مّنْ خَرْدَلٍ} يعني: وزن خردلة {فَتَكُنْ في صَخْرَةٍ} أي: الصخرة التي هي أسفل الأرضين.
وقال بعضهم: أراد بها كل صخرة، لأنه قال بلفظ النكرة.
يعني: ما في جوف الصخرة الصماء.
وقال مقاتل: هي الصخرة التي في أسفل الأرض، وهي خضراء مجوفة.
ثم قال: {أَوْ في السموات أَوْ في الأرض يَأْت بهَا الله} يعني: يجازي بها الله.
أي: يعطيه ثوابها.
ويقال: {يَأْت بهَا الله} عند الميزان، فيجازيه بها.
ويقال: هذا مثل لأعمال العباد {يَأْت بهَا الله} يعني: يعطيه ثوابها عز وجل كقوله: {فَمَن يَعْمَلْ مثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] يعني: يرى ثوابه.
قرأ نافع {مثْقَالَ} بضم اللام.
وقرأ الباقون: بالنصب.
فمن قرأه بالضم جعله اسم يكن. ومن قرأ بالنصب جعله خبرًا.
والاسم فيه مضمر ومعناه: إن تكن صغيرة قدر مثقال حبة.
وإنما قال: إن تكن بلفظ التأنيث لأن المثقال أضيف إلى الحبة، فكان المعنى للحبة.
وقيل: أراد به الخطيئة.
ومن قرأ: بالضم جعله اسم تكن.
ثم قال: {إنَّ الله لَطيفٌ خَبيرٌ} يعني: لطيف باستخراج تلك الحبة، خبير بمكانها.
وقال أهل اللغة: اللطيف في اللغة يعبر به عن أشياء.
يقال للشيء الرقيق وللشيء الحسن: لطيف.
وللشيء الصغير؛ لطيف.
ويقال للمشفق: لطيف.
ثم قال عز وجل: {لسُنَّتنَا تَحْويلًا أَقم الصلاة} يعني: أتمّ الصلاة {وَأْمُرْ بالمعروف} يعني: التوحيد.
ويقال: أظهر العدل {وانه عَن المنكر} وهو كل ما لا يعرف في شريعة، ولا سنة، ولا معروف في العقل {واصبر على مَا أَصَابَكَ} يعني: إذا أمرت بالمعروف أو نهيت عن المنكر، فأصابك من ذلك ذلّ أو هوان أو شدة، فاصبر على ذلك ف {إنَّ ذَلكَ منْ عَزْم الأمور} يعني: من حق الأمور.
ويقال: من واجب الأمور.
وصارت هذه الآية بيانًا لهذه الأمة، وإذنًا لهم، أن من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ينبغي أن يصبر على ما يصيبه في ذلك، إذا كان أمره ونهيه لوجه الله تعالى، لأنه قد أصاب ذلك في ذات الله عز وجل.
ثم قال تعالى: {وَلاَ تُصَعّرْ خَدَّكَ للنَّاس} قرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم: {وَلاَ تُصَعّرْ} بالتشديد بغير ألف.
وقرأ الباقون: ولا تصاعر بالألف والتخفيف.
وهما لغتان ومعناهما واحد.
يقال: صعر خده وصاعره ومعناهما: الإعراض على جهة الكبر.
يعني: لا تعرض بوجهك عن الناس متكبرًا.
وقال مقاتل: لا تعرض وجهك عن فقراء المسلمين، وهكذا قال الكلبي.
وقال العتبي: أصله الميل.
ويقال: رجل أصعر إذا كان به داء، فيميل رأسه وعنقه من ذلك إلى أحد الجانبين.
ويقال: معناه لا تكلم أحدًا وأنت معرض عنه، فإن ذلك من الجفاء والإذاء.
ثم قال: {وَلاَ تَمْش في الأرض مَرَحًا} يعني: لا تمشي بالخيلاء، والمرح والبطر والأشر كله واحد، وهو أن يعظم نفسه في النعم {إنَّ الله لاَ يُحبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} يعني: مختالًا في مشيته، فخورًا في نعم الله عز وجل.
{واقصد في مَشْيكَ} يعني: تواضع لله تعالى في المشي، ولا تختل في مشيتك.
ويقال: أسرع في مشيتك، لأن الإبطاء في المشي يكون من الخيلاء.
{واغضض من صَوْتكَ} يعني: اخفض.
ومن صلة في الكلام اخفض كلامك، ولا تكن سفيهًا.
ثم ضرب للصوت الوضيع مثلًا فقال: {إنَّ أَنكَرَ الاصوات} يعني: أقبح الأصوات {لَصَوْتُ الحمير} لشدة أصواتها.
وإنما ذكر صوت الحمير، لأن صوت الحمار كان هو المعروف عند العرب وسائر الناس بالقبح، وإن كان قد يكون ما سواه أقبح منه في بعض الحيوان.
وإنما ضرب الله المثل بما هو المعروف عند الناس.
قوله عز وجل: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُمْ} يعني: قل يا محمد لأهل مكة: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ الله} ذلل لكم {مَا في السموات وَمَا في الأرض} كل ذلك من الله تعالى.
يعني: ومن قدرة الله ورحمته وحده لا شريك له {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نعَمَهُ ظاهرة وَبَاطنَةً} فالظاهرة التي يراها الناس، والباطنة ما غاب عن الناس.
ويقال: النعم الظاهرة شهادة أن لا إله إلاَّ الله، وأما الباطنة فالمعروفة بالقلب.
وقال مقاتل: الظاهرة: تسوية الخلق والرزق.
والباطنة: تستر عن العيون.
عن ابن عباس قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نعَمَهُ ظاهرة وَبَاطنَةً} فقال: «الظَّاهرَةُ الإسْلامُ، وَالبَاطنَةُ مَا سَتَرَ سَوْأَتَكَ».
قرأ نافع وأبو عمرو وعاصم في رواية حفص: {نعَمَهُ} بنصب العين وميم، وضم الهاء.
وقرأ الباقون: {نعَمَهُ} بجزم العين ونصب الهاء والميم.
فمن قرأ: {نعَمَهُ} بالجزم فهي نعمة واحدة وهي ما أعطاه الله من توحيده.
ومن قرأ: {نعَمَهُ} فهو على معنى جميع ما أنعم الله عز وجل عليهم.
ثم قال: {وَمنَ الناس مَن يجادل في الله} يعني: يخاصم في دين الله عز وجل: {بغَيْر علْمٍ} يعني: بغير حجة وهو النضر بن الحارث {وَلاَ هُدًى} أي: بغير بيان من الله عز وجل: {وَلاَ كتاب مُّنيرٍ} أي: مضيئًا فيه حجة.
قوله عز وجل: {وَإذَا قيلَ لَهُمْ} يعني: لكفار مكة {اتبعوا مَا أَنزَلَ الله} على نبيه من القرآن، فآمنوا به، وأحلّوا حلاله، وحرموا حرامه {قَالُوا بَلْ نَتَّبعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْه ءابَاءنَا} يقول الله عز وجل؛ {أَوْ لَّوْ كَانَ الشيطان} يعني: أو ليس الشيطان {يَدْعُوهُمْ إلى عَذَاب السعير} يعني: يدعوهم إلى تقليد آبائهم بغير حجة، فيصيروا إلى عذاب السعير. اهـ.